إنشاء عن عيد الربيع

يعتبرُ عيد الربيع من أكثر الأعياد انتشاراً، ويتميّز بالاحتفالات والمهرجانات التي تسود أجواءَ فصل الربيع، ويعتبر من الثقافات المتوارثة منذ القدم عند أغلب الشعوب والحضارات، وقد تمّ تناقله من جيل إلى آخر، حيث يعتبر من أعياد الفراعنة، (المصريّون القدماء)، ويحتفل به جميع المصريّين والعراقيين أيضاً، ومن أبرز مظاهره التجوّل في الحدائق والمتنزّهات، وزيارتها، وتلوين البيض.

في مصر، يعودُ أصل عيد الربيع للطبقة الثالثة من الأسرة الفرعونيّة، أي ما يقاربُ الألفيْ عام ونصف العام، حيث كان يعرف عند الفراعنة باسم “شمو”، ويفسّر على أنه بعثُ الحياة؛ وذلك نتيجةً لاعتقادِهم بأنّ بداية الخلق كانت في فصل الربيع، فقرّروا الاحتفالَ به، واعتباره حدثاً مقدّساً، وبعد مضيّ عدة قرون اشتهر باسم “شمّ النسيم”؛ بسبب اعتدال نسيم الربيع وأجوائه أثناءها، ونسائمه العليلة، ومناظر الطبيعة الخلابة في الربيع، لذلك يحتفل المصريّون بعيد الربيع من كلّ عام.

تكونُ مظاهر الاحتفال في الحدائق للتمتّع بالطبيعة الخضراء، وعلى الرغم من أنّ احتفالات الفراعنة في البداية كانت أمام الأهرامات، ومن الطقوس المندرجة فيه غروب الشمس عن الأهرامات، وذلك باختراق أشعة الشمس لقمّة الهرم، حيثُ يتبادل فيهِ الضوء والظلّ معاً، فيبدو الهرمُ منقسماً إلى نصفين، حيث كانت من إحدى الظواهر النادرة، والتي لا تتكرّر إلا مرّة واحدة من كلّ عام.

ما زالت تلك العادة سائدةً بالنسبة لطقوس الطعام عند المصريّين اليوم والفراعنة القدماء، حيث يقومون بحمل الطعام معهم، والمكوّن فقط من البيض، والخسّ، والبصل، والحمّص الأخضر، والسمك المملح؛ لاعتقادِهم بأنّ لكلَّ نوع من هذه الأصناف رمزاً ودلالةً يختصّ بها، حيث إنّ البيض يرمز إلى خلق الحياة من الجماد، والخسّ رمز لاقتراب الربيع، والبصل رمزٌ للتخلّص من الأرواح الشريرة، والحمّص الأخضر رمزٌ لبدْء الربيع، والسمك المملّح رمزٌ لتقديس نهر النيل والرزق، وعليه فإنّ هذه الأطعمة تعتبرُ تقليدية، ويتم إعدادُها للاحتفال بفصل الربيع فقط.

عند العراقيين، يعتبر عيدُ الربيع من أقدم الأعياد، حيث يحتفلون به في فصل الربيع من كلّ عام، وذلك حسب العادات الدينيّة في العراق، حيث يعتبر من أكثر الأعياد الدينيّة التي تضم فئاتٍ مختلفة، وظهرت عادة الاحتفال بهذا العيد منذ القدم، ويعود إلى العصور السامريّة والبابليّة، معتمدين في هذا على أنّ إله الخصب الذكريّ يخرج من قبره ليحرّر ويخصب إلهة الأرض والأنوثة عشتار، فتضجّ معالم الربيع جمالاً، وتحيا الحياةَ من جديد.

يمتدّ الاحتفالُ بمراسمِ عيد الربيع لمدّة عشرةِ أيام، ومن المظاهرة البارزة لديهم، الصّلوات، وتقديم القرابين، وقراءة أساطير الخليقة، ويظهر الملكُ للحديث عن نفسه وأبرز إنجازاته، ويذبح ثوراً واحداً فقط، على أن يكونَ لونه أبيض؛ لترويَ دماؤه الأرض، وعمل مسيرة كبيرة لحرق الدمى الملوّنة، وتولّي الملك لمنصبه مرة أخرى والاعتراف بفضله، أما بالنسبة لاحتفالات الربيع في هذه الأيام، فتتمّ فيما بينهم، بتناول الحلويّات والأطعمة المختلفة، والخاصّة بطقوس العيد، وعمل زيارات خاصّة وترفيهيّة.