مفهوم الحب في الفلسفة

مفهوم الحب في الفلسفة

تتباين الإجابات التي تتحدّث عن أصل الحب في الفلسفة، وترتبط تلك الإجابات وفقاً للعديد من الإطلاعات، حيث يبدأ الباحث هنا في التفكير والتساؤل عن أصل الحب، حيث تعود بعض الإجابات الفلسفيّة للمذهب التصوري، وأخرى للمذهب الواقعي، وغالباً ما يغلب على تلك الإجابات الأبحاث العلميّة الماديّة، ونتبين الحقيقة في كلّ جانب من تلك الجوانب. ويعتمد نوع التجارب في الواقع على الأمثلة الّتي يمر بها الفيلسوف أو الباحث لتقديم مُعطيات بأرقامٍ أو نسبٍ تعتبر مقياساً لحجمها الذي يشكّل أساساً لأي قياس في محور البحث المطروح، ويعتمد الباحث هنا على ما شكله من قناعاتٍ أو رأي وفقاً لكلّ ما مرّ عليه أو قرأه من نماذج، ومن هنا يمكن اعتبار رأيه سليماً يتمّ الأخذ به واعتماده.

الحب والفلسفة وآراء الفلاسفة

نجيب محفوظ هو واحد من أهمّ الأدباء المصريين وأشهرهم، لكن محفوظ في الواقع متخصص بالفلسفة، وله الكثير من الإضاءات في هذا الموضوع، وفي مقال له عن الحب والفلسفة نشره في مرحلة شبابه، ذكر فيه بأنّ الفلسفة هي عبارةٌ عن علم الوجود الذي لا يمكن تحديده، أو بمعنى آخر هو يعتبر الفلسفة علم كلّ شيء، وتحديداً هي علم القوانين العامة التي تعمل على تسيير كافة الأمور والأشياء، وأطلق على الفلسفة اسم (علم العلوم)، وقد تناول محفوظ في مقاله الفلسفي أبسط الآراء وأكثرها جدليةً وتعقيداً حول مفهوم الحب، من خلال الحوار والمناقشة، إضافةً لتفنيد الضعيف منها، والتركيز على ما يُعتقد في صحّته من منطلق مبدأ عدم وجود أي تصوّرٍ ذاتي أو حقٌ واقعٍ غير قابلٍ للنقاش.

يرى محفوظ بأنّ لكلّ جزءٍ في أي علاقةٍ فلسفيّة تامة، وتحلّل بمعنى اللقاء أو الفراق من خلال طريقة المعاملة أو الصور، إضافةً للصداقة التي تتولد عنها مشاعر أخرى، ويظهر هذا الأمر الحجم العام للمفهوم المُراد معرفته في سبيل الوصول إلى مفهومٍ أوسع وأشمل عوضاً عن تحويله لمادة للسخرية.

عالم الأنثى هو الملاذ الواسع للفلاسفة في عمليّة الاسترخاء والبحث، وعلى الرغم من هذا لم يمتنع البعض من أخذ هذا الموضوع بسخريةٍ من قبل الفلاسفة في العديد من المواضع، ومن الأمثلة عليها ما قاله سقراط: (تزوّج يا بني فإن وُفِقتَ في زواجِك عِشت سعيداً، وإن لم تُوّفق أصبَحتَ فيلسوفاً)، وهذا الأمر يثير تساؤلاً هو: هل يُمكن أن تكون تحليل تلك السخرية بأن الفلسفة تنتج عن الفشل في العلاقات؟

من المعروف بأنّ الفلاسفة هم من أبرع البشر تعاملاً في علاقات الحب، لكن بعد النظر إلى قول سقراط فإنّه أصبح من الصعب معرفة إن كان الفلاسفة من أكثر البشر معرفةً بالحب، أم من أقلهم معرفةً بتحليل الحب فلسفيّاً. خاصةً أنّ هناك آراء عدّة ومتفرّعة عن القدرة الكامنة في فلسفة الحب، أو اعتبار الحب جزءاً من هذا العلم، وقد وضع كلّ واحد من الفلاسفة تفسيراته الخاصّة في تقييم وتحليل هذا النوع من العلاقات أو المشاعر، وعلى هذا الأساس اعتُبِرَ بأنّ الفلسفة تمُرّ بأزمةٍ مرحليّة لفقدانها السيطرة على توفيق الآراء بين كافة الفلاسفة، إضافةً لتعدّد المدارس المُعتمدة في هذا الشأن.

أمّا في عصرنا الحديث فقد صرّح عددٌ من الفلاسفة بعد قيامهم بإجراء مجموعة من الدراسات تمّ تقديمها لمركز البحوث والدراسات الأميريكيّة، بأنّهم لم يتمكّنوا من تحديد ماهيّة دور الفلسفة في الحب، والسبب هو تعدّد الرؤى واختلافها، وذلك بعد الاطلاع على الكثير من الطروحات المقنعة في غالبيتها، الأمر الذي يجعلهم يضعون أنفسهم أمام أزمةٍ فلسفيّة، ومدى دورها في تحديد العلاقات البشريّة،

معنى الحب في الفلسفة

يمكن تفسير الحب في أغلب المعاجم الفلسفيّة على أنّه نوعٌ من العاطفة الجاذبة لشخصٍ نحو شخصٍ من الجنس الآخر، وبهذا فهي تحمل معنى خاصاً مصدره الشخص الأوّل. إضافةً لهذا فإنّ الميل الجنسي يعتبر نوعاً من اللذة التي تنشط نتيجة الحب، وتكون هذه اللذة ماديّة أو معنويّة، بمعنى آخر فالحب فلسفيّاً يعني الميل إلى الشيء أو الأمر السار، بهدف إرضاء غايات روحيّة أو ماديّة.