مفهوم التجديد في الشعر العربي

مفهوم التجديد في الشعر العربي

التجديد في الشعر هو أن يتمّ كسر قواعد شعريّة قديمة وخلق قواعد مبنيّة على أسس جديدة تتسم بالابتكار في النسق، والصورة، والمفردة، والشكل، والمضمون، أو في أيّ شيء آخر، ما دام يتماشى مع أصول الذائقة ولا يخلّ بقوانين الشعر الضمنيّة، وهو إبداع بكر يغمر المرء بالمتعة، والانبهار، والبهجة.

حركة تجديد الشعر في العصر العباسيّ

أوّل حركات التجديد في الشعر ظهرت في العصر العباسي، على يد ثلة من الشعراء على رأسهم أبو النواس، وبشار بن برد، وغيرهم من الشعراء، وكانت مظاهر هذا التجديد تتمثل في الاحتجاج على شكل القصيدة القديمة من حيث الوقوف على الأطلال، ثمّ الغزل، والنسيب، ثم الولوج إلى الموضوع، الذي كتبت من أجله القصيدة، لكن هؤلاء الشعراء سخروا من هذه القصيدة، ومن الوقوف على الطلل البالي، بقول أبو نواس:

عاج الشقي على طلل يسائله

وعجت أسأل عن خمارة البلد

والسخرية أيضاً من تمجيد العرق العربي في النصّ الشعري القديم، بقول أبي النواس أيضاً:

فمن تميم ومن قيس وإخوتهم

ليس الأعاريب عند الله من أحد

اقتصر هذا التجديد على الشكل، والموضوع، وبعض التخفّف من بعض المفردات العربيةّ الثقيلة، لكن لم يتطرّق إلى موسيقا الشعر، وقالبه العروضي، كما فعل روّاد الشعر الحرّ فيما بعد.

تجديد أصحاب الاتجاه الوجداني في الشعر

خرج أصحاب الاتجاه الوجداني بالبناء الإيقاعي للقصيدة التقليديّة، عن النمطية من خلال:

الزحافات والعلل

تمثل الزحافات، والعلل بداية الانشقاق عن النظام العروضيّ الصارم موسيقياً، والسبب في ذلك حالة التنازع المستمر بين الوزن العروضي، الذي يقيد وجدان الشاعر، والزحافات، والعلل التي تمثل شق صغير في جدار العروض، يسمح بخروج شعاع الوجدان، والعاطفة.

من الأمثلة على الزحافات، والعلل، تحويل تفعيلة فاعلن الموجودة في الضرب إلى تفعيلة فاعلان، وتحويل تفعيلة مستفعلن إلى مستعلن، أو مستعل أو متعل.

البناء الدرامي

أوّل من استخدم البناء الدرامي والقصة الشعرية شعراء أبوللو، وكان الهدف من ذلك إخراج القصيدة من قالب الغنائيّة المباشرة، وكان ذلك محاكاة لقصائد غربية حديثة مثل قصيدة آليوت الأرض الخراب، وقصائد أخرى تعتمد على توظيف أساطير قديمة، وقصص شعبية في التراث، ومما لا شك فيه أن حركة الشعر انتقلت بالشعر العربي من مجالاته الضيقة، وأغراضه ومعانيه التقليدية، إلى آفاق أكثر رحابة، ومرونة، وساقت ناصية الشعر حتى تغرف من منابع عدّة تراثيّة وفلسفيّة، ويونانيّة، وفرعونيّة، وغربيّة، ولا تعتمد فقط الأغراض القديمة مثل: المدح، والهجاء، والرثاء، وغيرها من المواضيع التقليديّة.