من مظاهر التجديد في الشعر الأموي
الدّولة الأموية
الدولة الأمويّة أو الخِلافَةُ الأُمَوِيَّةُ نسبةً إلى بني أمية (41 – 132 هـ / 662 – 750 م)، وهي الخلافة الثانية في تاريخِ الإسلام، وتعتبر أكبرَ دولة في تاريخ الإسلام، حيث اعُتبر بنو أمية من أول العائلات المسلمة الحاكمة، وكانت دمشق هي عاصمة الخلافة ومركز حكمها، وزاد اتساع مساحة الدولة الأمويّة عندما تسلم الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك الحكم، حيث وصلت حدود الدولة من الصين في الشرق، حتّى جنوب فرنسا في الغرب، وتمكّنَ المسلمون خلال هذه الفترة من فتح بلاد إفريقيّة وبلاد السِنْد، وما وراء النهر، والمغرب، وجنوب السنغال، والأندلس.
مظاهر التجديد في الشعر الأموي
نشأة الغزل العذريّ والصريح
ظهر في هذا العصر غرضان شعريّان مستقلان، وهما:
- الغزل العذريّ: وهو الشعر الذي يتغزّلُ فيه الشاعرُ بصفات محبوبتِه المعنويّة، وكانت هذه القصائد تحكي واقع الشعراء مع محبوباتهم، فهي لم تُبنَ على الخيال أو الصورة الشعريّة التخيليّة، وقد كان هذا الشعر مشهوراً عند الفقراء الذين عاشوا في القرى بعيداً عن العبث والمجون، فقد تمسّكوا بموروثاتِهم وعادات قبائلهم، ومن أشهر شعراء الغزل العذريّ: جميل بثينة، وكثيّر عزة، وقيس بن الملوح، قيس بن ذريح.
- الشعر الصريح: وهو الشعر الذي تغنّى به الشعراء في المدينة المنورة، والتي كانت عاصمة الخلافة ومركز التجارة في الحجاز، وقد كانت حاضرة المسلمين، فقد زادت فيها الأموالُ بسبب الحجّ والتجارة، فأصبح شعرُها حضريّاً، وتطور خلال الحكم الأمويّ بعد أن تمّ توريد المغانم والجواري إليها من دمشق -عاصمة الخلافة الإسلاميّة الجديدة-؛ وذلك لإبعاد أهلِها عن التدخل في الأمور السياسة، فبدأوا بزجّ سكانها للفراغ والثراء، ثمّ تطوّر الأمر للخلاعة والمجون والموسيقا، فنتج الشعر الإباحيّ، وأبرز من قالَ في الشعر الإباحي هو عمر بن أبي ربيعة (ت 93 هـ / 711 م)، لذلك سمّي أحياناً بالشعر العمريّ، فقد كان يَقرض الشعر بالّلفظ الصريح دون التلميح، ومن الأمثلة على بعض شعره:
لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِدْ
- وَشَفَت أَنفُسَنا مِمّا تَجِدْ
وَاِستَبَدَّت مَرَّةً واحِدَةً
- إِنَّما العاجِزُ مَن لا يَستَبِد
زَعَموها سَأَلَت جاراتِها
- وَتَعَرَّت ذاتَ يَـومٍ تَبتَرِدْ
أَكَما يَنعَتُني تُبصِرنَني
- عَمرَكُنَّ اللَهَ أَم لا يَقتَصِد
ظهور الرجز والرجّاز
وفي العصر الأمويّ ظهر بحران جديدان للشعر، هما الرجز والرجّاز، لكنها لم تكن من البحور المطروقة، فقد كان الناس يملّون منه بسرعة، حتّى الشعراء الذين كانوا يكتبون فيه كان لديهم شعورٌ بأنّهم أقلُّ مكانة من غيرهم من الشعراء، ثم تطوّر هذا البحر بعد فترة من الزمن ونال رضا الشعراء، فاشتهر بشكلٍ كبير لسهولة حفظه ونظمه، فهو يلتزمُ بقافية محدّدة في الصدر والعجز.