كيف تتعلم الشعر الحر

الشعر الحرّ

تتميّزُ اللغة العربية بأنّها إحدى اللغات الشعريّة؛ وذلك لاحتوائها على عدد كبير من المفردات التي يمكن نظمُها وتوظيفُها لأغراض الشعر وإيصال المعاني التي تجول بخاطر متحدّثيها بصورة جميلة وسلسة تمسّ القلبَ والعقل، وقد مرّ الشعر العربي بعدة مراحل، حيثُ تطوّر خلالها في العديد من الأقطار التي تحدث أهلها بتلك اللغة وبرعوا في استخدامها، بدْءاً من الجزيرة العربية منبعِ اللغة ومنبتِ الشعر، حتّى الشام شمالاً، ووصولاً إلى الأندلس غرباً مروراً بشمال أفريقيا.

الشعر الحرّ هو أحدُ الأشكال الشعريّة التي ظهرت في خمسينيات القرن الماضي، وأصبحت محلَّ بحث النقاد ودارسي اللغة، وقد صاحبَ ظهورَه الميلُ نحو الواقعيّة، والابتعاد عن الرومانسيّة من قبل الشعراء، ومن أهمّ روادِه: نازك الملائكة، وبدر شاكر السيّاب، وأمل دنقل، وصلاح عبد الصبور.

كيفيّة تعلّم الشعر الحرّ

تنمية الموهبة

موهبة كتابة الشعر تبدأ من الرغبة في التعبير عن الأفكار والمشاعر بكلمات رقيقة وعذبة، ويمكن تنمية تلك الموهبة كأيّ موهبة أخرى، بتدريب النفس على امتلاك المقوّمات اللّازمة لكتابة الشعر بصورة جيدة، وذلك بامتلاك قاموس لُغويّ كبير يساعد الشاعر على اختيار الألفاظ واستخدامها في مواضعها المثالية، ويُنمّى ذلك بالقراءة المستمرّة في كافة مجالات الأدب خاصّة الشعر، كذلك الحصول على أفكار جديدة دائماً من واقع الحياة والخوض في التجارب والتأمّل، وعلى الشاعر أن يوازن بين الاندماج في التجارب المختلفة، والحفاظ على وقت خاصّ للعزلة والتفكير، وأخيراً التدريب المستمرّ على الكتابة، والذي يمثّل التنفيذَ العمليّ لتنميةِ الموهبة.

تعلّم التقنيات الأساسيّة

على الرّغم من اعتبار الشعر موهبةً يمنحها الله لمن يشاء، إلّا أن امتلاك ناصية اللغة يتطلّبُ دراسة وافية للأدب والبلاغة، وكتابة الشعر الحر تستدعي اهتمام الشاعر بالتقنيات المختلفة التي تساعده على التعبير عن مشاعره وتصوّراته عن الحياة، وذلك بتعلّم البحور الشعريّة، وكيفية استخدام الأوزان والقوافي، والتدريب على أمثلة منها يوميّاً، واستخدام المحسّنات البديعية والبلاغية في البيت الشعريّ والنص بصفة عامّة، كالمغالاة في الوصف أو الاستعارة والتشبيهات، واستخدام السجع والجناس والتضادّ؛ للتركيز على إيصال المعنى للقارئ بقوّة أكبر، وفي المراحل الأولى من الكتابة قد يبدو تأثّر الشاعر بأحدِ الشعراء الكبار، وهنا يجب الحرص على أن يجدَ الشاعر صوتَه الخاصّ، من خلال التركيز على القراءة والكتابة اليوميّة.

ممارسة الإلقاء

لا يمكنُ لشاعر ألّا يشارك كتاباتِه مع غيره، سواء كانوا قرّاءً أو مستمعمن، والشعر العربيّ في الأصل كان يعتمدُ على السماع، لذا يجب على الشاعر أن يدرّبَ نفسه على إلقاء شعرِه أمام الآخرين، بالحرص على تحسين مخارج الحروف، واستخدام طبقات الصوت المختلفة؛ لإيصال المعاني المقصودة.