الشتاء حكاية فرح أسطوري، وقصة انتعاش يرويها البرد، ويترجمها المطر، وتأنس بها الأرض والبشر.
أتسكع على الطرقات بين عتمه الليل وحدي، وما من أحدٍ يسد حزني أجالس البرد، الشتاء القارص وما يسترني غير معطفي.
ليس البرد برد الشتاء، لكن البرد برد المشاعر تجاه من نُحب.
من يحبك يغرس في صباحات عمرك شتلات أمل وتفاؤل، ينثر على نافذتك دعوات قلب بات يدعو لك، يخشى على قلبك لسعات البرد في ليالي الشتاء.
فصلت من جسدها غطاء ليقني برد الشتاء جاء البرد ولم يأتي الشتاء وجاءت هي من غير غطاء.
رائعٌ هو صباح الشتاء يغمره الرذاذ ويكسوه البرد، مميزُ اجتماع الأحبة حينما يلجؤون لناره ودخانه اللذي يملئ المكان، فهو دفئهم و عطرهم.
أحبّ شمس شتاء تأتي على استحياء، ونجوم مضيئة في مساء تزيّن بداخلي السماء.
قفزت من على أريكتي وفي الشرفة كانت طلتي، بلّلت يدي بتلك القطرات العطرة، ودعوت ربي بأن يكثر المطر ودعوته بأن يجمعني مع أحبّتي.
سيأتي الشتاء، وَأكون برفقة حبيبي.
لا جدوى من الاحتماء بمظلة الكلمات، فالصمت أمام المطر أجمل.
أعشق الشتاء لأنه دائماً يذكرني بأنّ من فقدَ الله، وفقدَ الحب مسكين.
أعشق الشتاء لأن احتساء شرابٍ دافئ في ليلةِ صقيع وسط أناس يحبوك، وتحبهم كافٍ لأن يملأ الأرض دفئاً .
من لا يملك الحب، يخشى الشتاء.
الحب لا يمكن أن يشيخ أبداً، قد تفقد الأقفال لونها الذهبيّ، وقد تتلاشى نضارة الخدود، ولكن القلوب المحبة سوف تعرف أنه لا صقيع الشتاء وبرده يؤثر فيها، بل دفء الصيف لا يزال فيها.
انتظارك يشبه انتظار المطر أيام الصيف حيث الشمس تأبى الرحيل.
خواطر عن الشتاء
أجمل ما في الشتاء ذلك السكون التام وكأن العالم يعيش في سبات أتأمل الشارع من نافذتي إنه خالٍ وكأن الجميع نيام، ما أجمل هذا السكون وهذا الهدوء .
رغم هدوء ليالي الشتاء إلا أنك تجد ضجيجاً داخل قلبك أينما ذهبت، عيونك لا تحكي سوى الحزن، تجلس وحيداً حائراً بأحزانك، محملاً بهمومك وأشجانك، في غرفتك المظلمة، لا تسمع سوى صوت وقع المطر .
ما أكأب الشتاء لياليه وأيامه، وما أقساه حين أخلو لنار موقدي الخامد، والقلب مغرق في أساه، لست أصغي إلّا إلى ضجة الإعصار، بين النخيل والصفصاف .
تتناثر قطرات المطر بهدوء ورقة، وكأنها تهمس في آذاننا بصوتٍ خافتٍ، تفاءلوا، ما زالت الحياة مستمرة، وما زال الأمل موجوداً .
في شتاء ماضٍ كنا معاً، قبل أن يبتلعنا الزحام، انهمرت قطرات المطر على الطريق الرمادي، كأنّ تلك القطرات دموعي، وذاك الطريق وجهي، شَعرتُ ببردٍ قارصٍ في تلك الأمسية الشتائية التي ابتلعت ريحها صوتي، لكن ثمّة صوتاً بعث الدفء إلى قلبي إذ احتوى غربتي وضياع خطواتنا بين آلاف الخطوات.