أين يقع جبل قاسيون

جبل قاسيون

جبل قَاسيون بفتح السين؛ هو الجبل المطل على العاصمة دمشق، وتحيط به هذه المدينة كما يحيط السوار بمعصم اليد، ويحتوي على العديد من المغارات والكهوف ويعود ذلك لطبيعته الصخرية، وكان أول من سكنه المقادسة القادمون من القدس؛ هرباً من بطش الفرنج .

يُعتبَرُ قاسيون في الربوة والصالحية مصيفاً للملوك والأمراءوخلفاء بني أمية والعباس، حيث بنوا فيه القصور والملاعب، وكان المرصد الفلكيّ للمأمون؛ لرصد النجوم والكواكب.

موقع جبل قاسيون

يقع جبل قاسيون في منطقة الشرق الأوسط، في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة الواقعة في القارة الآسيويّة، وهو الجبل المطلّ على العاصمة السورية كحامٍ وحارسٍ للمدينة ، ويُعدّ من الناحية الجغرافيّة امتداداً لسلاسل الجبال السوريّة الغربيّة، ويرتفع عن مستوى سطح البحر ألفاً ومئة وخمسين متراً .

أصل التسمية

لقد عُرف جبل قاسيون عند العرب بعدّة تسميات؛ حيث عُرف بجبل دمشق، وأيضاً بجبل الشّام، وجبل التين، إضافة لجبل الأنبياء، وقد جاء ذكره في أحد المصادر باسم قَيْسُون وأيضاً قايسون، وفي اللغة الآرامية القديمة؛ قَيْصُون، والتي تعني: نهائي، أو أقصى، أو طرفي، وآخر، إضافة إلى أقصى .

هناك عدة روايات عن سبب تسميته بهذا الاسم، فالبعض يفسر كلمة قاسيون من المصدر قساوة، لأنه قسا على الكفار فلم يستطيعوا أن يأخذوا من صخوره لصنع أصنامهم، وأيضاً لأنه قسا بصلابته فلم ينبت فيه العشب والأشجار، كباقي سفوح الجبال، ونجد آخرين يعزون التسمية إلى مغارة الدم أو مغارة الأربعين، حيث سكن سيدنا آدم -عليه السلام- بالقرب من التربة (البدرية)، وفي سفحه قتل قابيل أخاه هابيل، ففتح الجبل ليبتلع قاتل أخيه، وفيه كهف جبريل، حيث جاءت الملائكة تُعزِّي سيدنا آدم -عليه السلام- بابنه هابيل المقتول، حيث إن الله جل جلاله أبقى على أثرالدم في صخوره، ليكون عبرة لبني البشر.

قرب الربوة في النيرب سكنت (حَنَّة)؛ أم سيدتنا مريم العذراء عليها السلام، ويحكى أن سيدنا يحيى بن زكريا قد نزل فيها وأمه مدة أربعين عاماً،وفيما بعد أتاها حواريّو عيسى -عليه السلام- وكان عددهم أربعين حوارياً، ويضم المسجد المُقام هناك أربعين محراباً .

ويُعتَقَدُ في شرق جبل قاسيون في قرية (برزة) أن سيدنا إبراهيم نزل بها، وتعبيراً عن قدسية وشرف هذا الجبل قيل: “بين بَرْزَة وَأَرْزَة أربعون ألف نبي”.

فيه العديد من الأديرة ومقامات للأولياء الصالحين؛ كدير مَرّان، وقبر النبي ذي الكفل -عليه السلام-، ومقام النبي يونس -عليه السلام-، وقبر العلاَّمة محيي الدين بن العربي، وفيه احتمى النبي يحيى -عليه السلام- من قوم عاد في الغار الذي تحته، وكذلك النبي إليليا، ويعزى أن السيد المسيح وأمه مريم -عليهما السلام- قد نزلا في الربوة.

الأحياء الموجودة في جبل قاسيون

من أهم الأحياء الموجودة في جبل قاسيون؛ نجد حيَّ الشهداء، وترجع تسميته نسبة إلى الشهداء الإخوة الثلاثة الذين قتلوا في فتح دمشق، ودفنوا فيه وأقيم لهم مسجداً، وهنالك أيضاً حيّ الصالحية، إضافة إلى حي المهاجرين، كما يوجد فيه حيّ الأكراد في (ركن الدين)، وأيضاً حيّ الشعلان، إضافة إلى عَرْنُوس، ونجد أيضاً الروضة، وأبو رمانة، وهنالك المالكي، والبَاشْكَاتِب، وحي الشيخ محي الدين بن عربي، والمُرابط، وحيّ الحبوبي، إضافة إلى حيّ الشهداء، والجسر الأبيض، وأيضاً جادة العفيف، وحارة شرف.

المغاورالموجودة في قاسيون

فيه العديد من المغاور الطبيعية والمغاور التي أنشأها الإنسان، وأشهرها هي:

  • مغارة الجوعيَّة: أو(الجوع)، وسبب تسميتها بذلك أنه لجأ إليها أربعون نبيّاً خوفاً من الكفار، ولم يكن معهم سوى رغيف واحد من الخبز، فأخذ كلُّ واحد منهم يؤثر رفيقه عليه، حتى ماتوا من الجوع جميعهم.
  • مغارة الأربعين: أو مغارة آدم ومغارة الدمو، -ذكرنا سابقاً سبب التسمية-.
  • مغارة الشيّاح: فيها قبرالشيخ (محمد الشيّاح).

بعض ما قيل في وصف قاسيون

تناول جبلَ قاسيون العديدُ من الرحّالة والمؤرّخين، حيث أبدعوا في وصفه، فنجد سبط بن الجوزي يقول فيه بأنّه جبل ترتاح النفس في المقام به، ومن يسكنه لا يستطيب له السكن بغيره، وقال فيه محمد بن طولون الصالحي: “سكن أهل المدينة دمشق هذا الجبل قبل أن يسكنوا دمشق، عاشوا فيه أجيالاً طويلة من الزمن، حتى إذا تكاثروا وتناسلوا وارتقت معارفهم وتجاربهم هبطوا إلى السهل المنبسط أسفله، فبنوا مدينتهم دمشق، ولكن مدينتهم الأولى هي قاسيون ففيه نشأوا أولاً وإليه رجعوا”، أمّا ياقوت الحمويّ فقد ذكره بأنّه جبل معظّم ومقدّس .

صخرة اذكريني

لا بدّ لكلّ من يزور جبل قاسيون، أن يأخذ صورة تذكارية أمام الصخرة العملاقة الموجودة في أعلاه، والتي تُعرف بـ(صخرة اذكريني)، إذ تحكي هذه الصخرة قصّة حبّ مؤلمة، حيث كان شاباً يلتقي بمحبوبته عند هذه الصخرة، وكان يهيم بها وهي كذلك تبادله الحب، إلاَّ أنّ أهلها أجبروها على الزواج بغيره، فلم يستطع الشاب تقّبل الأمر.

فما كان منه إلاَّ أن صعد جبل قاسيون، ووقف على هذه الصخرة التي كانا يجتمعان عندها، وكتب عليها رسالةً من كلمة واحدة بدمه (اذكريني)، ورمى نفسه من أعلى هذا الجبل، لتأتي حبيبته هاربةً من أهلها لعلّها تلتقيه وتتزوّجه، فرأت هذه الكلمة وعرفت ما فعل، فما كان منها إلاَّ أن كتبت تحت رسالته، وبدمها أيضاً كلمة (لن أنساك)، ورمت نفسها أيضاً، ومازالتا حتى اليوم هاتان الرسالتان موجودتين بخطّهما، كشاهد على قصّة حبهما، لتبقى هذه الصخرة ملتقى للعشاق .

يحوي جبل قاسيون مبنى التلفزيون العربي السوري، ونصب الجندي المجهول، وغدا قِبلة الزوار المسحورين بمرأى دمشق الرائع ومقاهيه المتناثرة على جانبي الطريق، ليروّحوا عنهم ما علق بنفوسهم من هموم الحياة ومشاغلها اليومية.