بعينيك ضوء الأقحوان المفلج – الشاعر البحتري
بعَيْنَيْكَ ضَوْءُ الأُقْحُوَانِ المُفَلَّجِ،
وَألحاظُ عَيْنيْ ساحر اللّحظِ، أدْعَجِ
شَجًى من هوى زَادَ الغَليلَ تَوَقّداً،
وَكانَ الهَوَى إلْباً على المُغرَمِ الشجي
يُهَيِّجُ لي طَيْفُ الخَيَالِ صَبَابَةً،
فَلِلّهِ! ما طَيفُ الخَيالِ المُهَيِّجِ
تأمّلْتُ أشخاصَ الخُطوبِ، فلم أُرَعْ
بأفظَعَ مِنْ فَقْدِ الأليف، وَأسمَجِ
وَما حَسَنٌ، وَهْوَ القَرِيبُ مَحَلّةً،
بِأقْرَبَ مِنْ وَفْرٍ مَنَالاً، وَزِبرِجِ
أيَظلِمُني المُسْتَضْعِفُونَ، وَقد رَأوْا
تجَهّمَ ظَلاْمٍ، متى يَكوِ يُنضِجِ
أرُومُ انتِصَاراً ثُمّ يَثْني عَزِيمَتي
تُقَايَ الذي يَعْتَاقُني، وَتَحَرُّجي
هُما حَجَزَا شَغْبي، وَكَفّا شكيمتي،
فلَمْ أتَوَعّرْ في وشيعةِ مَنهَجي
وَلمْ أسرِ في أعرَاضِ قَوْمٍ أعِزّةٍ،
سُرَى النّارِ شُبّتْ في ألاءٍ وَعَرْفَجِ
وَقد يُتّقَى فَتْكُ الحَليمِ، إذا رَأى
ضَرِيرَةَ مَدلولٍ على الفَتكِ، مُحرَجِ
تَهَضّمَني مَنْ لَوْ أشَاءُ اهْتِضَامَهُ،
لأدْرَكَهُ، تحتَ الخُمولِ، تَوَلُّجي،
وَمن عادَتي، وَالعَجزُ من غيرِ عادَتي،
متى لا أرُحْ عن حضرَةِ الذّلّ أُدلجِ
فلَوْلا الأميرُ ابنُ الأميرِ وَوَعْدُهُ،
لَقَلّ، عَلى أهْلِ العِرَاقِ، مُعَرَّجي
أخُو العَزْمِ لمْ تَصْدُرْ صريمةُ رَأيِهِ
بمُقتَضَبٍ مِن عاثرِ الرّأيِ، مُخدَجِ
وَعِندَ الأميرِ نَصرَةٌ، إنْ أُهِبْ بها،
أُضَلِّلْ أساطيرَ الخَؤونِ المُبَهرِجِ
عَتادي الذي آوِي إلَيْهِ، وَعُدّتي،
لِمَا أختَشِي من صَرْفِ دهرِي وَأرْتجي
سيُثلِجُ صَدرِي اليَأسُ، وَاليأسُ مَنهلٌ
متى تَغتَرِفْ منهُ الجَوَانحُ تَثْلَجِ
قَنِعْتُ عَلى كُرْهٍ، وَطأطأتُ ناظرِي
إلى رَنْقِ مَطرُوقٍ من العيشِ حَشرَجِ
وَلجلَجْتُ في قَوْلي، وَكنتُ متى أقُلْ
بمَسْمَعَةٍ في مَجْمَعٍ لا أُلَجلِجِ
يَظُنُّ العِدَى أنّي فَنِيتُ، وَإنّمَا
هيَ السّنُّ في بُرْدٍ منَ الشّيبِ مُنهَجِ
نَضَوْتُ الصّبَا نَضْوَ الرّداءِ، وَساءَني
مُضِيُّ أخي أُنْسٍ متى يَمضِ لايجي
فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنّي الثَّمَاليَّ أنّهُ
مَكَانُ اشتِكَائي خَالِياً وَتَفَرُّجي
متى يأتِهِ الرُّكْبانُ يُوصِلْ زَعيمُهُمْ
رِسالَةَ مَطرُودٍ عَنِ اللّهوِ، مُزْعَجِ
أرَانَا وَقيذَيْ كَبْرَةٍ وَتَكَاوُسٍ،
على مُلتقى من مَطلَبِ الحاجِ أعوَجِ
بَعيدَينِ لا نُدْنَى لأُنْسٍ، فنَجتَبي
عَلَيهِ، وَلا نُدعَى لخَطبٍ، فنَنتجي
مضَى جَعفَرٌ وَالفَتْحُ بَينَ مُرَمَّلٍ،
وَبَينَ صَبيغٍ في الدّمَاءِ، مُضرَّجِ
أأطْلُبُ أنصَاراً على الدّهرِ، بَعدَما
ثَوَى منهُما في التُّرْبِ أوْسِي وَخزْرَجي
أُولَئِكَ ساداتي الذينَ بفضلهِمْ
حَلَبْتُ أفَاوِيقَ الرّبيعِ المُثَجَّجِ
مَضَوا أمَماً قَصْداً، وَخُلّفتُ بعدَهمْ
أُخاطِبُ بالتّأميرِ وَاليَ مَنْبِجِ